أضرار المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة:
رؤية علمية معاصرة
![]() |
أضرار المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة: رؤية علمية معاصرة |
تُعتبر المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة من أكثر المنتجات الاستهلاكية انتشارًا على مستوى العالم، حيث تُقدَّر مبيعاتها بمليارات الدولارات سنويًا. وعلى الرغم من شعبيتها، فقد أثبتت الدراسات العلمية وجود ارتباط قوي بين استهلاك هذه المشروبات ومجموعة من المشكلات الصحية الخطيرة. تشمل هذه الأضرار السمنة، والاضطرابات النفسية، والصداع النصفي، وهشاشة العظام، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول. تهدف هذه المقالة إلى استعراض أبرز الأضرار الصحية لهذه المشروبات استنادًا إلى الأدلة العلمية الحديثة.
1. السمنة وزيادة الوزن
تحتوي عبوة واحدة (330 مل) من المشروبات الغازية عادةً على حوالي 35–40 غرامًا من السكر، أي ما يعادل 9–10 ملاعق صغيرة. توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بألا تتجاوز السكريات الحرة 10% من مجموع السعرات الحرارية اليومية، أي ما يعادل تقريبًا 25 غرامًا يوميًا للشخص البالغ.
تشير دراسة واسعة نُشرت في The Lancet (2015) إلى أن استهلاك عبوة واحدة يوميًا من المشروبات الغازية يزيد خطر السمنة بنسبة 27% لدى البالغين و55% لدى الأطفال. ويعود ذلك إلى ارتفاع السعرات الحرارية السائلة التي لا تمنح شعورًا كافيًا بالشبع.
2. التوتر والقلق
مشروبات الطاقة خصوصًا تحتوي على نسب عالية من الكافيين قد تتجاوز 150–300 ملغ في العبوة الواحدة، أي ما يعادل 3–4 أكواب قهوة. الكافيين بجرعات عالية يرتبط بزيادة إفراز هرمون الكورتيزول، وهو هرمون التوتر.
أظهرت دراسة أجريت على طلاب جامعيين (Richardson et al., 2016) أن استهلاك مشروبات الطاقة بكثرة ارتبط بزيادة ملحوظة في معدلات القلق واضطرابات النوم.
3. الصداع النصفي
أثبتت أبحاث نشرت في Headache: The Journal of Head and Face Pain (2014) أن التغيرات السريعة في مستويات الكافيين والسكر بالدم قد تحفّز نوبات الصداع النصفي. الأشخاص الذين يستهلكون أكثر من 3 عبوات من مشروبات الطاقة أسبوعيًا كانوا أكثر عرضة بنسبة 25% للصداع المزمن مقارنة بغير المستهلكين.
4. هشاشة العظام
المشروبات الغازية الغامقة (مثل الكولا) تحتوي على حمض الفوسفوريك الذي يضعف امتصاص الكالسيوم في العظام. في دراسة شملت 2500 امرأة (Tucker et al., 2006)، وُجد أن النساء اللواتي شربن الكولا يوميًا كان لديهن كثافة عظمية أقل بنسبة 4% مقارنة باللواتي لم يستهلكنها بانتظام. هذا الارتباط يعزز خطر هشاشة العظام وكسور العظام مع التقدم في العمر.
5. تقرحات والتهابات المعدة والجهاز الهضمي
الغازات وارتفاع نسبة الأحماض في هذه المشروبات تهيج الغشاء المخاطي للمعدة والمريء. مشروبات الطاقة، التي تحتوي أيضًا على إضافات مثل التاورين والجينسنغ، قد تزيد من إفراز حمض المعدة.
تشير مراجعة منهجية في World Journal of Gastroenterology (2017) إلى أن الاستهلاك المفرط لهذه المشروبات مرتبط بزيادة خطر القرحة الهضمية والارتجاع المعدي المريئي (GERD).
6. مرض السكري من النوع الثاني
يرتبط استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر بزيادة واضحة في خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
دراسة كوهورتية شملت أكثر من 310,000 شخص (Diabetologia, 2010) أظهرت أن استهلاك عبوة واحدة يوميًا من المشروبات الغازية يزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 26%. السبب يعود إلى ارتفاع مقاومة الإنسولين الناتجة عن الاستهلاك المزمن للسكريات السائلة.
7. ارتفاع الكوليسترول واضطرابات التمثيل الغذائي
أظهرت دراسات وبائية أن الاستهلاك المنتظم للمشروبات السكرية يزيد من مستويات الدهون الثلاثية (Triglycerides) ويخفض الكوليسترول الجيد (HDL).
في دراسة أجريت على بالغين في الولايات المتحدة (Journal of the American Heart Association, 2020)، ارتبطت المشروبات المحلاة بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة الأيض (Metabolic Syndrome) بنسبة 28%.
8. التآكل الحمضي للأسنان
المشروبات الغازية تحتوي على أحماض (مثل حمض الفوسفوريك وحمض الستريك) إضافة إلى السكر، مما يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان.
تؤكد الجمعية الأمريكية لطب الأسنان (ADA) أن استهلاك المشروبات الغازية هو من أبرز مسببات تآكل الأسنان، إذ أن درجة الحموضة (pH) لهذه المشروبات قد تصل إلى 2.5، وهي قريبة من حموضة عصير الليمون.
9. زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم
الكافيين المرتفع في مشروبات الطاقة يؤدي إلى تحفيز الجهاز العصبي المركزي، مما يرفع معدل ضربات القلب وضغط الدم.
تجربة سريرية نُشرت في JAMA (2015) بينت أن تناول عبوة واحدة من مشروبات الطاقة رفع ضغط الدم الانقباضي بمعدل 6 ملم زئبق وزاد معدل ضربات القلب بمعدل 7 ضربات في الدقيقة بعد 90 دقيقة فقط من الاستهلاك.
تشير الأدلة العلمية المتراكمة إلى أن المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ليست مجرد مشروبات منعشة، بل هي منتجات تحمل في طياتها أضرارًا صحية جسيمة تشمل السمنة، الاضطرابات النفسية، الصداع النصفي، هشاشة العظام، أمراض الجهاز الهضمي، السكري من النوع الثاني، ارتفاع الكوليسترول، تآكل الأسنان، واضطرابات القلب والأوعية الدموية.
الحد من استهلاك هذه المشروبات يمثل خطوة مهمة نحو الوقاية من الأمراض المزمنة وتعزيز الصحة العامة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بالتركيز على شرب الماء والمشروبات الطبيعية كبدائل صحية.
📚 المراجع
-
Hu, F. B. (2013). Resolved: There is sufficient scientific evidence that decreasing sugar-sweetened beverage consumption will reduce the prevalence of obesity and obesity-related diseases. Obesity Reviews, 14(8), 606–619.
-
Imamura, F., et al. (2015). Consumption of sugar sweetened beverages, artificially sweetened beverages, and fruit juice and incidence of type 2 diabetes: systematic review, meta-analysis, and estimation of population attributable fraction. The Lancet Diabetes & Endocrinology, 3(5), 356–366.
-
Lippi, G., Cervellin, G., & Sanchis-Gomar, F. (2015). Energy drinks and myocardial ischemia: A review of case reports. International Journal of Cardiology, 201, 15–19.
-
Richardson, A., et al. (2016). The consumption of energy drinks and their association with anxiety in young adults. Journal of Nutrition Education and Behavior, 48(1), 23–29.
-
Tucker, K. L., et al. (2006). Colas, but not other carbonated beverages, are associated with low bone mineral density in older women: The Framingham Osteoporosis Study. American Journal of Clinical Nutrition, 84(4), 936–942.
-
Vartanian, L. R., Schwartz, M. B., & Brownell, K. D. (2007). Effects of soft drink consumption on nutrition and health: A systematic review and meta-analysis. American Journal of Public Health, 97(4), 667–675.
تعليقات
إرسال تعليق